الصفحة الرئيسية  ثقافة

ثقافة برنامج أكثر من ثري: اختتام تظاهرة أيام مينرفا لمسرح خيال الظل بسبيطلة في دورتها الخامسة

نشر في  06 فيفري 2018  (12:10)

"لنا المسرح حتى لا تقتلنا قتامة الحياة"، هكذا آمن الفنان مقداد الصالحي بالمسرح واعتبره من ضروريات الحياة.. فكان بذلك فضاء مينرفا تياتر بسبيطلة مهدا للحلم وانطلاقة الأعمال المسرحية بالجهة وقد عمل جاهدا على تجهيز هذا الفضاء وتحسينه حتى يكون ملائما للنشاطات الفنية والثقافية لفناني ومبدعي أبناء الجهة ويكون بذلك منارة للفن خاصة وأن هذا الفضاء يوجد بحي شعبي "الملاجي" كما عمل على تجاوز المركزية الثقافية علما وأن هذه الجهة عانت منذ سنوات من التهميش والتصحر الثقافي.

ففي مهرجان من الألوان والفرح استفاقت سبيطلة على وقع مهرجان تظاهرة أيام مينرفا لمسرح خيال الظل في دورتها الخامسة (من 27 جانفي الى غاية 30 جانفي 2018)، وقد اختار الفنان مقداد الصالحي والفنانة زينة مساهلي أن تتزامن هذه التظاهرة مع افتتاح الفضاء حيث أراد كل منهما أن يكون المسرح نقطة انطلاق الحفل وذلك بعرض مونولوق "الساحرة" إنتاج فضاء مينرفا تياتر تمثيل غفران الصالحي نص زينة مساهلي إخراج مقداد الصالحي..

وهو عمل مسرحي يعتمد على قدرات الممثل الواحد حيث قامت "الساحرة" بكشف اللثام عن عبثية الوجود البشري القائم على الثنائيات المتضادة والذي لم يحقق التعادلية بينها مشيرة بذلك لما يشهده العالم اليوم من تدني القيم الأخلاقية وضياع جوهر الإنسان...

عمل فني ممتاز يماهي بين المسرح والفلسفة ويصنع بذلك للحضور جوا من المتعة والإبهار.. وقد كان للشعر أيضا نصيب في هذا الحفل لارتباطه الوثيق بالنص المسرحي على أن المسرح أبو الفنون من خلال المداخلات الجميلة للشاعر فتحي نصراوي الذي أمتعنا بقصائده الرائعة المحملة بالحب والفن والصور الشعرية الجميلة من خلال مجموعته الشعرية الثانية بعنوان" للعصافير كفاحها "ومقطع من قصيد " الديوان " و" نبي الماجوس"..

تغنى هذا الشاعر بحبيبته الفاتنة وشبهها بأرض فلسطين المغتصبة حيث نادى بتحرير الأرض المقدسة وباح بعشقه السرمدي لها .. كلمات جميلة ليست كالكلمات جالت في أرجاء فضاء مينرفا تياتر ودغدغت مشاعر الوحدة والانتماء ودعمت بذلك أجواء الحميمية بين الحضور..

وقد كان أيضا للطرب حضور في هذا الحفل الفني من خلال المقاطع الموسيقية الجميلة للفنان محرزك العبيدي "زرياب القصرين " الذي أطلق العنان لأوتاره الساحرة صحبة الفنان الرهيب عدنان الهلالي الذي لم يبخل على الحضور بصوته الجبلي الجميل من خلال باقة من الأغاني الخالدة التي تغنت هي الأخرى بفلسطين المحتلة لتتوحد الرسائل الإنسانية للفن رغم اختلاف لغاتها وتعابيرها...

هذه الأجواء الرائعة للحفل كانت حافزا للحضور ولرواد الفضاء يدفعهم نحو الخلق والإبداع من خلال برمجة مشاريع مستقبلية وورش فنية تنجز بفضاء مينرفا تياتر..

وعلى امتداد أيام التظاهرة تم عرض مسرحيات موجهة لجمهور الأطفال من بينها مسرحية بعنوان "الساحر" إنتاج مركز الفنون الدرامية و الركحية بمدنين إخراج الفنان حمزة بن عون حيث تدور أحداثها في ورشة ساحر فاشل لم يتمكن من ممارسة السحر وإسعاد الأطفال ونام ذات ليلة ليحلم بقبعته المسحورة وقد أخرج منها امرأة جميلة أحبها حبا جما ولكن الوحش الذي يسكن القبعة عمل على سجن حبيبته إلا أن الساحر البطل لم يستسلم له وقاومه بكل شجاعة ..

عمل مسرحي ممتاز نص صامت يعتمد على الإيحاءات والحركة مما ولد مشاهد مختلفة باختلاف تقنيات الضوء والموسيقى حيث حمل في طياته رسائل مضمنة للطفل تدعم الحلم وتعمل على تحدي الحواجز بكل شجاعة..

كما تمتع أطفال سبيطلة في اليوم الموالي بمسرحية بعناون " حكمة أرنب " إنتاج شركة القبعة الحمراء إخراج فارس سعداوي .. الملك الظالم يفسد سعادة سكان الغاب ويفترس الحيوانات دون احتجاج من الرعية وتتعاظم المأساة بالطاعة المفرطة للقطيع دون إحداث ثورة على الحاكم الجائر مما يدفع ب" الأرنب الحكيم" للقضاء على الأسد من خلال حيلة شديدة الدهاء. أسقطته في البئر ليهلك من فرط غبائه... على أن القوة تكمن في العقل والتفكير لا في المخالب ..عمل مسرحي هادف لم يخلو من المتعة والتشويق حمل في طياته رسائل انسانية هادفة تخاطب ملكة التفكير لدى الطفل..

كما استمتع الأطفال كذلك بعرض مسرحية من انتاج فضاء مينرفا تياتر بعنوان " منقذة تحب الأرض " اخراج مقداد الصالحي نص زينة مساهلي..

عمل مسرحي ماهى بين العلم والفن وخاطب بذلك العقول والقلوب معا متخذا منهجا تعليميا حيث نادى بضرورة القضاء على ظاهرة الإنحباس الحراري على أنها تهدد مستقبل الطفل وتبيد كوكبه الأخضر الجميل وبذلك لن يجد الطفل مكانا للعيش فيه مستقبلا..

هكذا صرحت الدمية " منقذة " وبطريقة مسلية وراقصة معلمة الأخطار التي تنتج عن هذه الظاهرة الخطيرة لتحمل بذلك الطفل مسؤولية الدفاع عن كوكبه الأزرق مستقبلا بالبحث عن الطاقات المتجددة والبديلة...

وقد صاحبت هذه العروض المسرحية ورشات امتدت على كامل التظاهرة وقد عملت بدورها على إدماج الطفل في عالم الإبداع والفن من خلا ل ورشة تقنية خيال الظل حيث تم من خلالها تعليم الطفل كيفية صنع العرائس وابتكار الشخوص وعكس ظلها الراقص على الشاشة البيضاء ومن ثمة يتمكن من ابتكار مشهد مسرحي من خلال تقليده لأصوات الحيوانات وتأليف نص مسرحي قصير يستمده الطفل من مخيلته الواسعة والخصبة هذا إضافة إلى ورشة "فن المهرج " والتي يتطلع من خلالها الطفل على شخصية المهرج المرحة والمضحكة وبالتالي يدمج في عالم الإبداع من خلال تقليد حركاته الطريفة ..

كما يقوم كذلك بالإطلاع على كيفية صنع قناع المهرج وكيفية وضع "المكياج على الوجه"...

وقد كان لهذه الورشات صدى رائعا عند هؤلاء الأطفال حيث قاموا يوم الإختتام بعرض انتاجاتهم وابتكاراتاهم بحضور رواد الفضاء والأهالي الذين عبروا عن امتنانهم ودعمهم لفظاء مينرفا تياتر. وقد جال الأطفال شورارع وأرصفة سبيطلة انطلاقا من "الملاجي" بزي المهرج ناشرين بذلك الضوء والألوان الزاهية في القلوب متحدين التهميش معبرين عن حبهم للحياة تحت شعار " الفن حق للجميع ".